05 - 05 - 2025

مؤشرات | تحت القصف الصهيوني.. عن أي أعياد في غزة تتحدثون؟!

مؤشرات | تحت القصف الصهيوني.. عن أي أعياد في غزة تتحدثون؟!

(لا أعياد تحت القصف الصهيوني) تلك العبارة اخترت أن اقولها ردا على سؤال المذيع كيف ترى أعياد الكريسماس والميلاد في غزة؟ فكان ردي يا عزيزي لقد حوّلت الصهيونية ومن وراءها أعياد الميلاد إلى أنهار ووديان من الدماء وحالة من البكائيات، ولم يفرق العدوان الصهيوني بين مسلم ومسيحي، ولا مسيحي ولا مسلم، ولا في أعياد المسلمين ولا أعياد المسيحيين.

الكل ضحايا يا عزيزي، فقد حَرمَ العدوان الصهيوني الأطفال والكبار من أي مظاهر للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة، وهو نفس الحرمان في كل الأعياد من 7 أكتوبر 2023، وحتى الآن، فروائح دم ضحايا تفوح في كل مكان، وأصوات بكاء الصغار من الجوع تطارد أهالي الشوارع والحواري ومن بين حطام كل منزل وغرفة،وخيمة، وآهات الضحايا تسمع صداها بين أطلال بيوت الناس في كل مكان بقطاع غزة، وصرخات الأطفال المصابين عنوان كبير في كل شبر من الأراضي.

كيف نجيب على سؤال.. وبكاء أرامل الشهداء تكسر حوائط الصمت، وحطام البيوت تحولت إلى قبور للمفقودين تحت الأنقاض، وأجراس الكنائس تصمت حزنًا على ما ضاع، ودقاتها تتأوه في ترانيم للحزن على من راح، ومآذن المساجد قد تهدمت، وليس بين المباني بقايا مساجد وكنائس تجمع المصلين.. كيف نتحدث عن أعياد، وكلمات التهاني تحولت إلى حروف للتعازي على بشر كل ذنبهم أنهم لجأوا إلى المساجد والكنائس كمأوى، فسقطت عليهم دانات وقنابل العدو المشترك للمسلم والمسيحي.

وسألت صديقا مازال تحت القصف عن الشهداء والضحايا من المسيحيين في غزة، فكان رده، غاضبًا، العدو يقتلنا جميعًا، يا صديقي، وكلنا مشاريع شهداء في أي لحظة، الإبادة التي يقوم بها جيش الاحتلال، تريد غزة بدون أهلها مسلمين ومسيحيين، تريدها أرض فضاء، والمجرم لا يختار ديانة قتيله، بل يستهدف كل من يجمل اسم وجنسية "فلسطيني"، لا فرق بين محمد وعلى ومصطفي وعبد الرحمن، وبين مكرم، وبيتر وبطرس، وطوني، هو يريد إبادة كل هؤلاء.

وها هي فترة الأعياد تأتي للمرة الثانية، وأهل غزة، وفي كل مكان وفي الضفة تحت القصف المستمر، وجرائم الإبادة ليل نهار، واستهداف حتى الرضع في المستشفيات، وفي الحضانات، ويفتخر الصهيوني والمجرم الأكبر "نتنياهو" بهذا، معتبرا أن هذه الجرائم "ضد الأطفال" تحمي ما يدعيه بأنه وطنه من مخاطر "الرضع".

كيف تتحدثون عن أعياد الميلاد، وقد سقطت أسقف كنيسة القديس "برفيريوس" على المسلمين والمسيحيين الذي لجأوا إليها، اعتقادا بأنها أفضل مأوى، إلا أنه كانت مقبرة للعشرات، بفعل العدوان الصهيوني.

انتهت فترة المداخلة، .. ولكن ظل، المذيع يسمعني.. قلت له.. لقد تابعت واستمعت لعشرات الشهادات من ضحايا العمليات التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني، .. وكلها معجونة بالدم، ولم يعد هناك مجال للوصول لكل ما هو مقدس في بيت لحم، فالحزن على الموتى والأوضاع والخسائر سيطر وظل هو سيد الموقف، وقطعت قوات الاحتلال الصهيوني أوصال غزة، وكل ما يربطها بالضفة.

عن أي أعياد رأس السنة تتحدثون، في وقت تؤكد فيه البيانات الرسمية، لا توجد كنيسة، -وهو الحال لمعظم المساجد، - تصلح للصلاة، ولا تقبل فيه قلوب الناس قبل ألسنتهم، باحتفال في بلد يمنع فيها المُحتل، الحركة، بل ولا تجمعات الصلاة.

وها هي الأرقام تؤكد أن ثلاث كنائس تضررت كليًا، وأصبحت ركامًا، حتى المركز الثقافي الأرثوذكسي في حي الرمال بغرب مدينة غزة، لم ينج من الجيش الصهيوني، وقد دمره بشكل كامل، ولم تعد هناك مظاهر للحياة الدينية في غزة.

الأهم في رأي تلك الحالة بين مسلمي، ومسيحي أهل غزة ، وهي حالة الدفء بينهم، وجبر الخواطر بين النفوس والواقع، واستجلاب الدفء في عز برودة الشتاء، وتأجيل الأعياد إلى أن يأتي وحتما سيأتي اليوم الموعود، والمؤكد أن الكل على يقين بأنه ستتحقق تفاصيل مدلول هذا الشطر الأشهر من مربعات ابن عروس والذي يصلح لكل المظالم "لابد من يوم معلوم / تترد فيه المظالم / أبيض على كل مظلوم / أسود على كل ظالم".
---------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | نتائج انتخابات الصحفيين وماذا جرى؟